تنطلق اليوم النسخة الخامسة من برنامج الأطفال الذي تنظمه "مجموعة أ.ر.م. القابضة" في مدارس الإمارات، تزامنًا مع اليوم العالمي للإبداع والابتكار، الذي خصصته الأمم المتحدة للاحتفاء بدور الإبداع في تعزيز التنمية البشرية.

يُقدّم هذا العام أول تعاون فني ثنائي ضمن أكبر مبادرة ثقافية في الإمارات، والتي وصلت إلى أكثر من 30 ألف طفل منذ انطلاقها عام 2021. وقد طوّر البرنامج الفنانة المعاصرة بيجو ألاتيس، التي مثّلت نيجيريا في بينالي البندقية عام 2017، إلى جانب الفنانة والمعلمة الإماراتية علياء حسين لوتاه، المشاركة في تأسيس "استوديو ميداف" الفني في دبي، والذي يقدّم ورش عمل تعريفية بالفن للأطفال والكبار. ويستكشف البرنامج موضوع "مستقبل المياه" من خلال ورش عمل فنية تطبيقية بقيادة الفنانين، تستمر حتى يونيو 2025.

صُمّمت الجلسات الفنية للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و17 عامًا، حيث تتيح لهم التعبير الإبداعي من خلال الرسم أو إنشاء أعمال كولاج متعددة الوسائط على ألواح زجاجية شفافة. ويُخزَّن الماء داخل هذه الألواح، ما يجعله يتفاعل مع الأعمال الفنية، فيعيد تشكيلها ويشوّه تفاصيلها. تحاكي هذه العملية الديناميكية طبيعة علاقتنا المتغيرة مع المياه، وكيف تتأثر باستمرار بالعالم من حولنا.

ويتوسع البرنامج هذا العام ليشمل ورشة عمل متخصصة موجهة للمعلمين، بإشراف فنانين وخبراء في المجال، تهدف إلى دمج استراتيجيات تدريس أكثر إبداعًا ومرونة داخل الفصول الدراسية في مختلف أنحاء دولة الإمارات. كما يتضمن البرنامج حلقة نقاشية تُعقد ضمن فعاليات "آرت دبي 2025"، تجمع المعلمين لتبادل الخبرات ومناقشة أثر التعليم الفني في تشكيل وعي الأجيال القادمة.

ربط الفن والتعليم

تُعتبر هذه المبادرة نتاج شراكة استراتيجية بين "آرت دبي"، المعرض الفني الدولي الرائد في منطقة الشرق الأوسط، و"مجموعة أ.ر.م. القابضة" للاستثمارات الخاصة، والتي تتخذ من دبي مقرًا لها.

قال سعادة محمد سعيد الشحي، الرئيس التنفيذي لمجموعة "أ.ر.م. القابضة": "رعايتنا للفنون تتجاوز جمع الأعمال الفنية؛ هذا البرنامج يعكس رسالتنا الأوسع المتمثلة في بناء مجتمعات نابضة بالحياة ومترابطة. إنه يعزز التزامنا ودعمنا المستمر للثقافة والتعليم، ويعكس إيماننا العميق بتمكين الجيل القادم من القادة الثقافيين، والسفراء، وصنّاع التغيير، والمفكرين المبدعين الذين سيصنعون مستقبل دولة الإمارات العربية المتحدة."

قالت بينيديتا غيون، المديرة التنفيذية لمعرض "آرت دبي": "دعم الأطفال في مراحلهم المبكرة من رحلتهم الإبداعية أمر بالغ الأهمية، ونحن نولي لهذا الجانب اهتمامًا خاصًا. نفخر بالتعاون مع الفنانين والمدارس والطلاب لإنتاج برامج عالمية المستوى تُلهم وتشجع الجيل القادم من المبدعين. دبي، كونها مدينة عالمية تحتضن ثقافات مختلفة من جميع أنحاء العالم، تفتخر بتقديم أول تعاون فني بين فنانين محليين ودوليين. تُتيح هذه المبادرة للعقول الشابة فرصة تجربة الفن بطرق مبتكرة - من خلال الاكتشاف، التعبير، والتواصل الهادف - وهو ما يُجسد جوهر هذه الشراكة الطويلة الأمد."

منظورات الفنانين

تقول بيجو ألاتيس، وهي صوت رائد في الفن الأفريقي المعاصر: "الماء هو جوهر الحياة، ومن خلال هذا المشروع، ندعو الأطفال إلى التعامل معه كوسيط إبداعي يعكس أفكارهم وآمالهم وتساؤلاتهم حول المستقبل. نحن، كفنانين، يمكننا توجيه المسار، لكن الأطفال هم من سيكشفون لنا طرقًا جديدة للتفكير. وسينعكس ذلك على علاقتهم بالمياه — وعلى فهمهم لكيفية تشكّل منازلهم وبيئتهم وثقافتهم. يمنحنا هذا البرنامج منظورًا إبداعيًا فريدًا يُتيح لنا إعادة تصور كيفية العناية بعالمنا المشترك."

أما علياء حسين لوتاه، التي يستكشف عملها الفني التعبير التأملي من خلال الأنماط والعلاقات الشخصية، لا سيما بين الأم وطفلها: "بصفتي فنانة ومعلمة، أؤمن بقدرة الفن على تعزيز الروابط بين الناس والبيئة من حولهم. في دولة الإمارات، يحتل الماء مكانة ثقافية عميقة؛ فقد كانت وسائل النقل التقليدية تتمحور حول الخور، ما جعل المياه جزءًا أساسيًا من حياتنا اليومية وتاريخنا. من خلال هذا البرنامج، يُصبح الفن أداة للأطفال لاستكشاف القيم ومشاركتها، ما يساعدهم على التأمل في الماء كمورد ثمين. نُقدّم هذه المفاهيم في الفصول الدراسية بأسلوب تفاعلي وتأملي، من خلال ورش عمل تُشجع على التفكير النقدي وتُلهم تقديرًا أعمق لعلاقتهم بالبيئة."